الخميس، 11 أبريل 2019

من هم النّجوم الحقيقيّون في عالم البشر؟ ؟ ؟


ميسون قصاص

كثر هم الّذين يُطلق عليهم اليوم في العالم لقب : "نجوم " ، من مشاهير النّاس في عدد من المجالات وخاصّة الفنّيّة منها على اختلاف مستوياتهم . وقد انتقلت هذه الظّاهرة لتشمل مشاهير الدّعاة

فهل يصحّ هذا اللّقب في حقّ أيّ إنسان؟!

وما هي حقيقة النّجم في القرآن والأكوان ؟!


إنّ وظائف النّجم الأساسيّة هي ثلاث وظائف :

أولها : الدّلالة بنوره والهداية بمكان وجوده 

{وَعَلَامَاتٍ ۚ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ}[ النّحل : 16]

وثانيها : الوظيفة الجماليّة 

فالنّجم يشعّ بالنّور مزيّنًا ليل السّماء ؛ ليبعث البشر والتّفاؤل في النّفوس ..

قال تعالى: { وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ }[ فصّلت : 12]

وثالثها هي : حفظ السّماء الّتي تحتويه من شرور الشّياطين الّتي تحاول أن تسترق السّمع وتفسد في بيئته ، لقوله تعالى : 

{ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ ۖ}[الملك: 5]

فإذا ما أطلقنا لقب "النّجم" على إنسان فلا بدّ لهذا الإنسان أن يمتلك ما للنّجم من خصائص ، سيما وأنّ علماء الفلك يقولون أنّ حياة النّجوم شبيهة جدًّا بحياة البشر؛ فالنّجوم تتجدّد ، وواحدها يمرّ بطور طفولة فشباب ، فكهولة، فشيخوخة ، ثمّ يموت كالإنسان ، مع فارق مدّة الأطوار طبعًا.

وكما أنّ في السّماء نجومًا لـمّا يصل نورها إلينا، وربما لن يصل؛ كذلك في عالم البشر أناس موجودون وقد يسمّون نجومًا ، وهم لا يملكون صفة من صفات النّجم؛ بل لعلّهم إلى صفات من ترجمهم النّجوم أقرب !!

وفي السّماء نجوم انكدرت وبقيت مواقعها ؛ لكنّنا اليوم نستمتع بنورها ؛ لأنّنا كما يقول: العلم إنّما نرى ماضي السّماء ؛ لبعد المسافات ؛ والّتي تجعل نور النّجم يصلنا بعد زمن يكون فيه قد شاخ أو انكدر .

كذلك حالنا مع نجومنا من البشر كصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحالنا مع من ماتوا ممّن تبعهم بإحسان من العلماء ، ودعاة الخير ، والصّالحين المصلحين ، ماتوا ولكنّ نورهم لا يزال يشعّ في سماء قلوبنا وعقولنا ، إلى يومنا هذا .

ومن هنا نتساءل :

من هم المستحقّون للقب النّجم؟!

" العلماء ورثة الأنبياء" ، ومن بعدهم الدّعاة والصّالحون المصلحون ، في كلّ زمان ومكان وميدان؟!

أم مجرّد أشخاص مشاهير ، سواء مَن أساؤوا منهم فيما اشتهروا به أم مَن أحسنوا .. 
أم من غلبت سيّئاتهم حسناتهم فيما اشتهروا به ؟!!

ولماذا انقلبت بنا المفاهيم ؟ ومن الّذي قلبها ؟ وما مصلحته ؟

ولماذا بات حكماؤنا وعلماؤنا " الرّاسخون" يهربون من هذا اللّقب وهم له أهل ؛ بينما يتمسّك به من ليسوا له بأهل ؟!

نأمل من علمائنا الرّاسخين ، في علوم الدّنيا والدّين ، ومن حكمائنا ومصلحينا المخلصين، أن لا يقبلوا أن يكون سواهم ممّن يسمّون " نجومًا " من الطّالحين ، الضّالّين المضلّين ، والفاسدين المفسدين ، قدواتٍ لشبابنا وفتياتنا ، بدلًا عنهم بعد اليوم ، احترامًا لهم وحرصًا عليهم ؛ وذلك بالكلمة الطّيّبة ، والصّبر الجميل ، والاحتواء النّزيه، والطّبع الأصيل، والعلم الرّاسخ ، والموقف الشّجاع النّبيل. 
والشّباب حين يرون في دعاتهم وعلمائهم ذلك سيسعون جاهدين ؛ لأن يسمُوا إليهم ، وأن يطلبوا العلا بما لديهم .

فبقدر حاجتنا إلى معرفة المزيد عن الكون والارتقاء فيه بقدر ما نحن بحاجة إلى معرفة المزيد عن ذواتنا ؛ فرحلة التّغيير تبدأ من الدّاخل ، ولابدّ لنا في رحلتنا هذه من رفقاء نصحاء أمناء؛ ليكونوا لنا نجومًا هادية، في طريقنا إلى معرفة أنفسنا ؛ لنصل بذلك إلى الله سبحانه .. وهو هادينا جميعًا إلى سواء السّبيل ! 

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق